أشهر أوصافه لم تكن أشهر مواهبه
2014-11-06 | عبد الغني طليس
يكاد لا يعرفه أحد. ولولا انه كان من وقت إلى آخر، يحضر في بعض المناسبات الثقافية أو الفنية لمرّ جورج جرداق في الحياة الصحافية والأدبية اللبنانية من دون أن «يتعذب» بمعرفة أحد أو «يعذّب» أحداً بمعرفته!
كان في متن الحياة الفنية ناقداً، وفي متن الحياة الثقافية والأدبية شاعراً وباحثاً ومفكراً، وفي متن الأغنية اللبنانية مؤلفاً، وفي متن المهرجانات المسرحية أيام عزّ البلد وفنانيه الكبار كاتباً أحياناً، وإذا أردت الآن أن يتذكّره بعض الذين كانوا مثله حاضرين وناشطين، وفي مستوى عمره وتجربته، لَحَكَم الجميع بأنه كان... ولم يكن. كان موجوداً وفاعلاً ولم يكن موجوداً ولا فاعلاً! كانت كلمته تهز الأرض ولم تكن كلمته تهز شعرة من مكانها. كانت له سطوة ولسان سليط ونكتة جاهزة في الوقت المناسب، لكنه كان كما يدخل ندوة أو مسرحية أو مناسبة معينة يخرج منها بأقل قدر من إثارة الأنظار. كان ضد أن تكون عليه الأنظار، وإذا حصل و«كَمَشْتَهُ» للسلام عليه، فقط للسلام عليه، كان يختفي فوراً وراء صوته المتهدِّج المجلجل، ووراء عينيه اللتين لا تخبران شيئاً عما في داخله، لا لأنه باطنيّ أو لا يُظهر ما يُضمر، بل لأنه يكون مشغولاً بشيء ما في رأسه، ويكون السلام عليك أعجز من أن ينتشله من حيث هو.
كان شاعراً، ولم يحدث أن انتبهنا إلى ان له أمسية شعرية في مكان. وكان ناقداً ولا نتذكر أنه «صعد» إلى شاشة تلفزيونية ليدلي بدلوه في أي موضوع فني. وكان مفكراً في «الإمام علي» و«الثورة الفرنسية» على الأقل، وأصدرهما في كتب عميقة شيّقة في أفكارها المختلفة التي لا